ترامب والبيت الأبيض- سباق مع الزمن لإعادة تشكيل الشرق الأوسط

المؤلف: حسين شبكشي11.02.2025
ترامب والبيت الأبيض- سباق مع الزمن لإعادة تشكيل الشرق الأوسط

يبدو أن عاملاً زمنياً بالغ الأهمية بات يلعب دوراً متزايداً في تسريع الأحداث السياسية العالمية بصورة مفاجئة ومذهلة، وهذا العامل هو بالتحديد الموعد المقرر لدخول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير القادم. الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جو بايدن تسعى جاهدة إلى تحريك بعض الملفات العالقة، مثل تقديم دعم مالي وعسكري ضخم لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وذلك اعتقاداً منها بأن هذا الدعم السخي واللامحدود قد يتغير مع وصول ترامب إلى السلطة. كما يطمح بايدن في تحقيق أي نصر دبلوماسي في منطقة الشرق الأوسط، على غرار النجاح الذي حققه في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، ويحاول تكرار هذا السيناريو في غزة من خلال إبرام صفقة تبادل للأسرى، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض ذلك، لأنه يرى أن لديه فرصة أفضل لتحقيق شروط أفضل لصالحه بمجرد تولي ترامب مقاليد الأمور في البيت الأبيض. وعلى صعيد آخر، يشهد المشهد السوري إعادة تشكيل جذرية، حيث يتم إخلاء مواقع بشكل مريب وسريع للغاية من قبل القوات المسلحة السورية النظامية في مدينة حلب. وتجدر الإشارة إلى أنه تم سحب جميع أرصدة البنوك في حلب، بالإضافة إلى نقل كافة مقتنيات المتاحف الثمينة في المدينة مع القوات المسلحة قبل يومين من انسحابها، ثم دخول القوات المسلحة المتمردة إلى حلب دون أي مقاومة تذكر. إن هذا التحرك يعتبر جزءاً بالغ الأهمية من الاستعدادات الجارية قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض، بهدف إحداث واقع جديد على الأرض وفرض أمر واقع مختلف لا يمكن تجاهله أو تجاوزه. لقد تعطلت منصات الدفاع التقليدية عن النظام السوري، وتضررت منظومة حزب الله بشدة جراء الضربات الإسرائيلية، وهي بالكاد قادرة على الحفاظ على بعض البقايا من هيكلها القديم. أما روسيا، فقد أنهكتها الحرب في أوكرانيا، ولكن قبولها بالأمر الواقع الجديد في سوريا قد يرسم خريطة جديدة ويمهد لظهور نظام جديد فيها. وبهذه الخطوة، يفرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورقة تفاوضية قوية حين وصول ترامب إلى البيت الأبيض، مضمونها أن روسيا مستعدة لإبرام صفقة مهمة ومختلفة، يكون مقابلها الإبقاء على نظام الأسد في سوريا مقابل التنازل عن أوكرانيا لصالح زيلينسكي. من السابق لأوانه إصدار حكم قاطع على المشهد برمته في سوريا في الوقت الحالي، ولكن من المؤكد أن شيئاً جوهرياً وعميقاً يتشكل، وأن المؤسسة العسكرية السورية، التي تربطها تاريخياً علاقات متينة واستراتيجية مع روسيا على عكس أجهزة المخابرات السورية التي تربطها علاقات تاريخية مع إيران، لم تكن لتنسحب بهذا الشكل الملحوظ من حلب وحماة وإدلب دون تنسيق مسبق مع الروس على أقل تقدير. إن عداد التوقيت الذي يشير إلى وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ودخوله إلى المكتب البيضاوي يهيمن على المشهد السياسي الراهن، وذلك لوجود قناعة راسخة بأن وصوله إلى السلطة سيغير الكثير من قواعد اللعبة، ويجعل من وجود واقع جديد على الأرض أمراً مسلماً به وطبيعياً.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة